أهداف منتدى اللسان العربي والخطاب الشرعي: تقديم خدمات متنوعة للطلبة، محركات بحث كثيرة، أخبار العالم من خلال أغلب الجرائد العربية الناجحة، مقالات علمية، مواقع للبحث العلمي، أخبار متنوعة من قنوات عالمية،موسوعات، فهارس خزانة كلية الآداب بني ملال المغرب...إضافة إلى خدمات أخرى ...

الأربعاء، 9 ديسمبر 2009

علم الصرف: تعريفه وبداية التأليف فيه

الأستاذ: إدريس ميموني

1 – تعريفه:
الصرف ويقال له التصريف، في اللغة التغيير، ومنه تصريف الرياح، وهو صرفها وتحويلها من حال إلى حال، وتصريف الكلام والحديث، تغييره بحمله على غير الظاهر (لسان العرب، مادة:"ص ر ف")
أما ي الاصطلاح: فقد اختلف العلماء في دلالته، ويمكن تلخيصها في ما يلي:
1 التصريف هو البحث في أحوال الكلم العربية: الأسماء والصفات والأفعال الصحيحة والمعتلة، وما قيس على أبنية كلام العرب.
2 – التصريف هو بناء كلمة لم تنطق العرب بها على مثال كلمة وردت عنهم، كبناء كلمة من (ضرب) على وزن (جَعفر)، تقول فيه (ضَربب) فتغيير حركات أحرف (ضرب) ونظم أحرفها على حركات (جَعفر) هو التصريف، وهذا ما كان القدماء يطلقون عليه تارة (مسائل التصريف) وتارة (مسائل التمرين) ويطلق عليه تارة أخرى (القياس اللغوي) لأنه صوغ أمثلة لم ترد عن العرب، قياسا على ما جاء عنهم، وإدخالها في كلامهم، وهو ما يعرف له غالبا في باب (القياس).
3- التصريف هو تصيير الكلمة على خلاف ما كانت عليه في الصيغة، وهذا يندرج تحته القياس اللغوي، والاشتقاق، وأبواب التصريف المعروفة، من إعلال وإبدال وزيادة وحذف وإدغام ونحوها.
4 – التصريف هو ما عرض في أصول الكلام من التغيير.
5- التصريف هو صوغ الأمثلة المختلفة من ماض ومضارع واسم فاعل واسم مفعول ونحوها من الجذر الأصلي.
ويعتبر أقدم تعريف وصلنا في التصريف قول سيبويه (تـ180هـ / 796م) في الكتاب، في باب ما بنت العرب من الأسماء والصفات والأفعال غير المعتلة والمعتلة، وما قيس من المعتل الذي لا يتكلمون به، ولم يجيء في كلامهم إلا نظيره من غير بابه، وهو الذي يسميه النحويون التصريف والفعل) (الكتاب سيبويه 2/315)
وقد فسر السيرافي الكلمتين الأخيرتين من نص سيبويه فقال: أما التصريف فهو تغيير الكلمة بالحركات والزيادات والقلب... حتى تصير على مثال كلمة أخرى، والفعل تمثيلها بالكلمة ووزنها بها، كقوله ابن لي من (ضَرب) مثل جُلجل فوزنا (جُلجل) بالفعل فوجدناه (فعلل) فقلنا (ضُربب) على الحركات التي فيها هو التصريف والفعل هو تمثيله ب (فُعلل) الذي هو مثال (جُلجل).
ويتضح من هذا التفسير، أن السيرافي قد ذهب إلى أن التصريف هو ما أطلق عليه لمتأخرون اسم (مسائل التمرين)، وبذلك يكون السيرافي قد جعل التصريف خاصا بالقسم الثاني مما نص عليه سيبويه، وأغفل القسم الأول الذي هو باب (ما بنته العرب من الأسماء والصفات والأفعال).
وكذلك فعل الأستراباذي حين قال (التصريف – على ما حكى سيبويه – هو أن تبني من الكلمة بناء لم تبنه العرب على وزن ما بنته، ثم تعمل في البناء الذي بنيته ما يقتضيه قياس كلامهم، كما يتبين في مسائل التمرين، إن شاء الله) (شرح الشافية 1/6-7) على أن هذا التضييق لمعنى التصريف –كما رأينا لدى السيرافي والأسترابادي لم يكن شائعا لدى جميع العلماء. ولذلك نرى المازني يجمع في كتابه التصريف من المسائل، ما يضم القسمين اللذين وجدناهما في نص سيبويه، ويخرج عليهما. ولذلك أيضا يجعل ابن جني للتصريف معنيين فيقول: "التصريف هو أن تأتي إلى الحروف الأصول فتتصرف فيهابزيادة حرف،أو تحريف بضرب من ضروب التغيير، فذلك هو التصرف فيها، والتصريف لها، نحو قولك (ضَرب) فهذا مثال الماضي فإن أردت المضارع قلت (يضْرِب) أو اسم الفاعل قلت (ضارب)، أو المفعول قلت (مضروب) أو المصدر قلت (ضربا) أو فعل ما لم يسم فاعله قلت (ضُرِب)، وإن أردت أن الفعل كان أكثر من واحد على وجه المقابلة قلت (ضَارَب). فإن أردت أنه استدعى الضرب قلت (استضرب)، فإن أردت أنه كثر الضرب وكرره قلت (ضرَّب) فإن أردت أنه كان فيه الضرب في نفسه مع اختلاج وحركة، قلت (اضطرب) وعلى هذا عامة التصريف في هذا النحو من كلام العرب، فمعنى التصريف: هو ما أريناك من التلعب بالحروف الأصول، لما يراد فيها من المعاني المفادة منها وغير ذلك" (التصريف الملوكي ص:5. وشرحه 1/10.)
وأما المعنى الثاني الذي أشار إليه بقوله (وغير ذلك) فقد بسط بعضه في موطن آخر حين قال: "التصريف إنما هو أن تجيء إلى الكلمة الواحدة فتصرفها على وجوه شتى. مثال ذلك أن تأتي إلى (ضَرب) فتبني منه مثل (جعفر) فتقول (ضَربب) ومثل (قِمَطر) (ضِرَبّ) ومثل (درهم) (ضِرْبب) ومثل (عَلِم) (ضَرِب) ومثل (ظَرُف) (ضَرُب)..." (المنصف3/280 ) فإذا جمعنا بين هذين المعنيين كان التصريف كما قال ابن مالك: هو تحويل الكلمة من بنية إلى غيرها، لغرض لفظي أو معنوي، وهذا التحويل بعضه ضروري كصوغ الأسماء والصفات والأفعال، وبعضه الآخر غير ضروري كمسائل التمرين.
وأما الرماني (تـ 384هـ 994م) فالتصريف عنده – إنما هو تصيير الكلمة على خلاف ما كانت عليه في الصيغة، وبعبارة أخرى: هو التغيير الذي يلحق الكلمة كالزيادة والإعلال والإبدال والإدغام، أو هو البحث في بنية الكلمة حال إفرادها. يقول في شرح كتاب سيبويه في عنوان أبواب التصريف "باب ما تجعله زائدا الغرض فيه أن يبين ما يجوز أن يكون زائدا من الحروف وما الذي لا يجوز." "مسائل هذا الباب: ما الذي يجوز أن يكون زائدا من الحروف وما الذي لا يجوز، ولم ذلك، ولم وجب أن يكون باب الزائد مما ليس بزائد من التصريف، وما التصريف وما قسمته، وما الحروف التي يجوز أن تكون زائدة، وما الذي يجمعها في اللفظ.
وباب الزائد مما ليس بزائد من التصريف، لأنه تغيير يلحق الكلمة بزيادة أو حركة أو إبدال أو نحو ذلك.
والتصريف تصيير الكلمة على خلاف ما كانت عليه في الصيغة، وهو خلاف تغيير الإعراب لأنه مع سلامة الصيغة، وتغيير التصريف مع انتقاص الصيغة " الرماني عن مناهج الصرفيين حسن هنداوي ص:18
2 - بداية التأليف في علم الصرف
اختلف العلماء كثيرا في تحديد البداية الأولى لعلم الصرف، وبالرجوع إلى كتاب سيبويه، وما ذكره في التصريف كأقدم ما وصلنا فيه يتضح لنا أن بدايته ارتبطت بظهور اللحن اللغوي الصرفي.
قال يوسف بن خالد السمتي لعمرو بن عبيد: ما تقول في دجاجة ذبحت من قفائها؟ قال له عمرو أحسن. قال: من قفاؤها قال: أحسن. قال: من قفاءها. قال عمرو: ما عناك بهذا؟ قل: من قفاها واسترح.
وكان يقول: هذا أحمر من هذا يريد أشد حمرة من هذا.
وقال أبو الحسن المدائني: كان سابق الأعمى يقرأ (الخالق البارئ المصوَّر) والصحيح (المصوِّر) بالكسر. فكان ابن جابان إذا لقيه قال يا سابق: ما فعل الحرف الذي تشرك فيه بالله؟ ويذكر أن رجلين اختصما إلى عمر بن عبد العزيز فجعلا يلحنان، فقال الحاجب: أوذيتما أمير المؤمنين، فقال عمر، أنت والله أشد إيذاء إلي منهما.
وقال فيل مولى زياد بن أبيه لسيده: أيها الأمير احدوا لنا همار وحش، يريد: اهدوا لنا حمار وحش، فلم يفهم زياد عنه فقال: ويلك ما ذا تقول؟ البيان والتبيين1/73-2213.
ويذكر أن زياد ابن معاوية أخذت عليه زلة واحدة وهو على المنبر حيث قال:(هذه الضبعة العرجاء) فاعتدت عليه لحنا، لأن الأنثى إنما يقال لها: (الضبع) ويقال للذكر (الضِّبْعان). فهذه نماذج متعددة يدرك أقدمها صدر الإسلام، وتؤكد على ما يقال في صدق مضمونها – أن السليقة العربية شابتها مظاهر العجمة فاختلت لدى بعض القدماء، ملكة اللغة، عربا وعجما، وندت عنهم سقطات لغوية صرفية، تهدد صفاء العربية وسلامتها، فهب ذوو الغيرة الصادقة على القرآن يدافعون عنها، ويجتهدون لوضع حدود واضحة، لصيانة اللغة، وترسيخ جذورها في النفوس والعقول، وللعلماء في بداية تدوين علم الصرف أقوال أهمها مذهبان: فقد ذهب بعضهم إلى أن وجوده يعود إلى ما قبل الجاهلية، وذهب آخرون أن بدايته الأولى كانت مع معاذ بن مسلم الهراء.
أما القول الأول، فقد بسطه ابن فارس في معرض جزمه أن اللغة العربية وعلومها توقيف من عند الله تعالى، لا اصطلاح واختراع، ومما قاله في ذلك ما يلي:
"وزعم قوم أن العرب العاربة لَمْ تعرف هَذِهِ الحروف بأسمائها، وأنهم لَمْ يعرفوا نحواً ولا إعراباً ولا رفعاً ولا نصباً ولا همزاً. قالوا والدليل عَلَى ذَلِكَ مَا حكاه بعضهم عن بعض الأعراب أنه قيل لَهُ: أتهمز إسرائيل؟ فقال: "إني إذن لَرَجُل سوء!" قالوا: وإنّما قال ذَلِكَ لأنه لَمْ يعرف من الهمز إِلاَّ الضغط والعصر. وقيل لآخر أتجرُّ فلسطين؟ فقال: "إني إذن لقويٌّ!" قالوا: وسُمع بعض فصحاء العرب يُنشد: نحن بني عَلْقمةَ الأخيارا
فقيل لَهُ: لم نصبت "بني"؟ فقال: مَا نصبته، وذلك أنه لَمْ يعرف من النّصب إِلاَّ إِسناد الشيء. قالوا: وحكى الأخفش عن أعرابي فصيح أنه سُئل أن يُنشد قصيدة عَلَى الدال فقال: وَمَا الدال؟ وحكي أن أبا حيّة النُّميري سُئل أن يُنشد قصيدة عَلَى الكاف فقال:
كفى بالنَّأي من أسماء كافِ *** وَلَيْسَ لِسُقمها إِذ طال شافِ
قلنا: والأمر فِي هَذَا بخلاف مَا ذهب إِلَيْهِ هؤلاء ومذهبنا فِيهِ التوقيف فنقول: إن أسماء هَذِهِ الحروف داخلة فِي الأسماء الَّتِي أعلم الله جلَّ ثناؤه أنه علَّمها آدم عليه السلام، وَقَدْ قال جل وعزَّ: "علّمه البيان"، فهل يكون أوّلُ البيان إِلاَّ علم الحروف الَّتِي يقع بِهَا البيان؟ ولِمَ لا يكون الذي علَّم آدم عليه السلام الأسماء كلّها هو الَّذِي علّمه الألِفَ والباء والجيم والدال؟ فأما من حُكي عنه من الأعراب الَّذِين لَمْ يعرفوا الهمز والجرّ والكاف والدال فإنَّا لَمْ نزعم أن العرب كلها مدراً ووبراً قَدْ عرفوا الكتابة كلها والحروف أجمعها، وَمَا العربُ فِي قديم الزمان إِلاَّ كنحن اليومَ: فما كلٌّ يعرف الكتابة والخطّ والقراءة، وأبو حيّة كَانَ أمس؛ وَقَدْ كَانَ قبله بالزمن الأطول من يعرف الكتابة ويخطّ ويقرأ، وَكَانَ فِي أصحاب رسول الله صلى الله تعالى وسلم كاتبون منهم أمير المؤمنين عليٌّ صلوات الله تعالى عَلَيْهِ وعثمان وزيد وغيرهم...
والذي نقوله فِي الحروف هو قولنا فِي الإعراب والعروض. والدليل عَلَى صِحة هَذَا وأن القوم قَدْ تداوَلوا الإعراب أنا نستقرئ قصيدة الحُطَيْئة الَّتِي أوّلها:
شاقَتْكَ أظعانٌ لِلَيلَى***دون ناظرة بواكر
فَنَجِدُ قوافيها كلَّها عند الترنُّم والإعراب تجيء مرفوعة، ولولا علمُ الحطيئة بذلك لأشبهَ أن يختلف إعرابُها، لأن تساويها فِي حركة واحدة اتفاقاً من غير قصد - لا يكاد يكون.
فإن قال قائل: فقد تواترت الرّوايات بأن أبا الأسود أولُ من وضع العربية، وأن الخليل أول من تكلم فِي العروض. قيل لَهُ: نحن لا ننكر ذَلِكَ، بل نقول إن هذين العِلْمَين قَدْ كانا قديماً وأتت عليهما الأيام وقلاّ فِي أيدي الناس، ثُمَّ جددهما هذان الإمامان، وَقَدْ تقدم دليلنا فِي معنى الإعراب.
وأما العروض فمن الدليل عَلَى أنه كَانَ متعارفاً معلوماً اتفاقُ أهل العلم عَلَى أن المشركين لما سمعوا القرآن قالوا أَو من قال منهم: "إنه شعر" فقال الوليدُ بنُ المغيرة منكراً عليهم "لقد عرضتُ مَا يقرؤه محمد عَلَى أقراء الشعر، هزجه ورجزه وكذا وكذا، فلم أرَه يشبه شيئاً من ذلك" أفيقول الوليدُ هَذَا، وهو لا يعرف بحور الشعر؟.
وَقَدْ زعم ناس أنّ علوماً كَانَتْ فِي القرون الأوائل والزمن المتقادم، أنها دَرسَت وجُدّدت منذ زمان قريب، وترجمت وأصلحت منقولة من لغة إِلَى لغة. وليس مَا قالوا ببعيد، وإن كَانَتْ تِلْكَ العلوم بحمد الله وحسن توقيفه مرفوضة عندنا.
فإن قال: فقد سمعناكم تقولون إن العرب فعلت كذا وَلَمْ تفعل كذا، مِن أنها لا تجمع بَيْنَ ساكنين، ولا تبتدئ بساكن، ولا تقف عَلَى متحرك، وأنها تسمي الشخص الواحد الأسماء الكثيرة، وتجمع الأشياء الكثيرة تَحْتَ الاسم الواحد، قلنا: نحن نقول إن العرب تفعل كذا بعدما وطأناه أن ذَلِكَ توقيف حَتَّى ينتهي الأمر إِلَى الموقّف الأول.
ومن الدليل عَلَى عرفان القدماء من الصحابة وغيرهم بالعربية كتابتهم المصحف عَلَى الَّذِي يعلله النحويُّون فِي ذوات الواو والياء والهمز والمدّ والقصر فكتبوا ذوات الياء بالياء وذوات الواو بالواو وَلَمْ يصوّروا الهمزة إذَا كَانَ مَا قبلها ساكناً فِي مثل "الخبء" و "الدفء" و "الملء" فصار ذَلِكَ كلّه حجة." ابن فارس الصاحبي في فقه اللغة، ص:8-11.
وأما القول الثاني: فقد ذكر ابن مالك في (التصريح) أن العلماء أجمعوا عليه وأيد السيوطي ذلك في قولين مختلفين: قال في الأول: "واتفقوا على أن معاذ الهراء أول من وضع التصريف ...وزعم في الثاني أنه -أي السيوطي هو الذي - تنبه لذلك فقال في ترجمة الهراء هو نحوي مشهور وهو أول من وضع التصريف" السيوطي، المزهر 2/400.
على ضوء آراء كل من ابن فارس وابن مالك والسيوطي يظهر لنا أن لا أحد استطاع من هؤلاء، أن يبرهن على صحة رأيه ويقطع بالبداية الأولى لهذا العلم، كما هو الشأن بالنسبة لكثير من العلوم، غير أنه وبرجوعنا إلى ما ظهر من لحن لغوي صرفي منذ صدر الإسلام، يتبين لنا أن نشأة هذا العلم، كان في ذلك العصر على يد الإمام علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه، وأبي الأسود الدؤلي، فقد ذكر الحسن بن مسعود اليوسي، أن الإمام علي بن أبي طالب هو الذي وضع مبادئ علم التصريف، وذلك لأنه فطن إلى شيوع أخطاء في أبنية الكلمات وهيآتها، فوضع في علم البناء بابا أو بابين، فكان ذلك أساس علم التصريف.
ولا شك في هذا، لأن ثمة إجماعا لدى المتقدمين على أن واضع علم العربية هو أبو الأسود الدؤلي، وأنه أخذه عن الإمام علي، وقد أوضح ذلك المبرد حيث قال: سئل أبو الأسود الدؤلي عمن فتح له الطريق إلى وضع النحو فقال: تلقيته من علي بن أبي طالب رحمه الله. وفي حديث آخر قال: ألقى إلي أصولا احتذيت عليها. وقد فصل ذلك في رواية مشهورة. (الرجوع إلى أمالي الزجاجي ص:238 -239. ومعجم الأدباء 14/48. وانباه الرواة للسيوطي 1/4-5).
ويظهر من هذا كله أن خاتم الخلفاء الراشدين وأبا الأسود الدؤلي هما اللذان وضعا أصول العربية، على الرغم من اختلاف الروايات التي تبسط دوافع وضع هذا العلم، بإيراد أخبار كثيرة مختلفة، ولكنها على كثرتها واختلافها، تجمع على أن الأسباب الداعية إلى وضع علم العربية، إنما هي شيوع اللحن في اللغة والإعراب والصرف، وأن الواضع كذلك واحد في ما أشير إليه أعلاه.
وقد استطاع علم التصريف بعد هذه النشأة البسيطة، أن يجد دائرته التي يختص بها، فبدأ ينحو منحى جديدا تلمع فيه بوادر الاستقلال والتمييز، بحيث اختص بكتب أصبحت مقصورة عليه، وكان أول من دون علم الصرف (أبو عثمان بكر بن حبيب المازني المتوفى في منتصف القرن 3 هـ) وكان قبل ذلك مندرجا في علم النحو، على الرغم من أن المصادر تذكر كتبا في التصريف لعلماء تقدموا المازني، وكان أحدهم من شيوخه، وكذا الخليل، وأبوا الحسن الأخفش، وهو من شيوخ المازني، وعلي بن المبارك، والفراء. ولعل أقدم هؤلاء على الإطلاق أبو الحسن الأحمر علي بن المبارك المتوفى سنة 194هـ.
ومن الكتب المصنفة في علم الصرف التي تذكرها المصادر قبل كتاب المازني نذكر:
- لم استعمل اللغويون مثل فعل للخليل بن أحمد تـ 170هـ
- الوقف والابتداء، التصغير، الجمع والإفراد لأبي جعفر الرؤاسي تـ 190هـ
- المصادر للكسائي تـ189هـ
- المصادر للنضر بن شميل 203هـ
- الاشتقاق، الهمز، فعل وأفعل لقطرب تـ 206هـ
- المصادر في القرآن الكريم، الوقف والابتداء، الجمع والتثنية في القرآن، فعل وأفعل، المقصور والممدود.
- المذكر والمؤنث، الإدغام للفراء تـ 207هـ
- المصادر، فعل وأفعل لأبي عبيدة تـ 210هـ
- الصفات لأبي زيد الأنصاري تـ 215هـ
- الهمز، المقصور والممدود، الصفات، فعل وأفعل، القلب والإبدال، الاشتقاق، المصادر، المذكر والمؤنث للأصمعي تـ216هـ.
- الاشتقاق للأخفش الأوسط تـ 221هـ
- المقصور والممدود، المذكر والمؤنث، فعل وأفعل لأبي عبيدة تـ 224هـ
- فعلت وأفعلت للتوزي تـ 230هـ.
- اشتقاق الأسماء للباهلي تـ 231هـ
- القلب والإبدال، فعل وأفعل لابن السكيت تـ 243هـ
- الإدغام، المذكر والمؤنث، المقصور والممدود للسجستاني تـ 248هـ
- بل إن كتاب سيبويه، على ما قيل في تنسيقه وتبويبه، ترى أبواب علم التصريف فيه مجتمعة، في الجزء الثاني منه متميزة من أبواب علم النحو، وهذا كله يؤكد لنا أن التصريف كان – بالرغم من اتصاله بالنحو- له ظاهر من التميز، كما كانت له مصنفات خاصة به، قبل أن يصدر المازني كتابه المشهور، ثم توالت كتب التصريف للمبرد، والزجاج، وابن السراج، والفارسي، وابن جني، والرماني، والجرجاني، وابن القطاع، وابن الأنباري، والميداني، وابن يعيش، وابن الحاجب، والزنجاني، وابن عصفور، وابن مالك... فامتدت فروع هذا العلم واتسع ميدانها، وأصبحت لها أهميتها في علوم العربية.

ليست هناك تعليقات:

ابحث

ندوة البحث العلمي الجامعي وتحديات التنمية الجهوية بكلية الآداب ببني ملال

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

47917
Google
دليل العرب الشامل الجزيرة نت سوالف المنتديات
شكرا على الزيارة ... عدد مرات زياراتك لموقعنا هو NaN مرة.

محرك جوجل

محركات للبحث